مساخيط الملك في الكارة

يبدو أن حمى الانتخابات البرلمانية المقبلة بالكارة تزداد ضراوة وترتفع حرارتها يوما بعد يوم, كلما اقترب موعد الاقتراع مما يؤجج الصراع بين المتنافسين فيحتدم السباق بينهم للوصول إلى قبة البرلمان في المراتب الأربعة الأولى. رائحة الكعكة تدفع مرشحي أحزابنا الكرطونية هذه الأيام إلى تجنيد كل الإمكانيات المشروعة وغيرها لبلوغ الهدف المنشود بغض النظر عن الضوابط القانونية الجاري بها العمل في الشأن الانتخابي وخاصة عند أصحاب التجربة الكبيرة والخبرة الواسعة في فن المراوغة وإتقان قانون اللعبة, لاكتساب النقط على حساب الخصوم الآخرين. ولعل الحنين إلى كرسي البرلمان يحفزهم إلى تكتيف التواصل مع المواطنين وبالخصوص سكان الأحياء الهامشية الذين يعيشون أوضاعا مزرية وفقرا مدقعا مثلما وقع مؤخرا بالبلوك من توزيع بوزيانات لأطنان من القمح حيث يستغلون سذاجة فقراء البلوك وأميتهم المتفاقمة وإقصائهم من كل البرامج التنموية لترويج أساليبهم المعهودة وحيلهم الماكرة حفاظا على مواقعهم الاجتماعية وحماية مصالحهم الخاصة وتؤكد تحركاتهم المشبوهة وتنقلاتهم ليلا ونهارا في جميع مناطق المدينة بل والإقليم منذ مدة ما لا يترك مجالا للشك بأنهم عازمون على تحقيق أطماعهم مهما بلغ الثمن ويجرهم هذا المبتغى إلى ابتكار خطط دنيئة لإقناع الناخبين على التصويت لصالحهم ونيل ثقتهم إما عن طريق الوعود الكاذبة بدون برامج حزبية, وإما بإغراءات متعددة وتارة بإقامة الولائم بسبب أو بدونه كما كتب الأخ العميل السري في أحد مواضيعه , فكما يقال ( تعددت الأسباب والهدف واحد ) والغالب في الأمر أن هذه الكائنات الحزبية تجول وتصول بدون خوف ولا حرج, ولاأحد يستطيع النبش في خباياها ونواياها المعروفة والتي تسيء للمشهد السياسي الكاروي أكثر مما تصلحه وما يثير الانتباه هو غض الطرف عن هذه التجاوزات من قبل السلطة المحلية مما يجعل هذه الأساليب المشينة تستفز مشاعر الغيورين على الكارة العزيزة والذين يرفضون تزكيات مثل هؤلاء الأشباح الذين يظهرون مرة كل خمس سنوات فقط , وهم يتساءلون عن مصداقية الأجهزة المتعددة والمعنية بمراقبة الوضع الانتخابي و لماذا لم تتخذ الاجراءاة الزجرية ضد المخالفين ؟؟؟
إن ما يميز هذه الاستحقاقات عن الاستحقاقات السابقة هو تفشي ظاهرة الفساد الانتخابي رغم ما جاء به الدستور الجديد و خطب ملك البلاد مما يجعل هؤلاء المرشحين مساخيط الملك (فالملك يقول أشياء وهم يفعلون عكسها و هم بذلك يعضون يد الملك الممدودة للمصلحين و يعقون عقوقا كاملا توجيهاته السامية) وهذا يجعل الكارويين يعتبرون أن شعارات الدولة ووعود السيد الباشا في محاربة الفساد الانتخابي مجرد مسرحية ليس إلا, الغرض منها هو إسكات أفواه المحتجين وذر الرماد في عيون الغاضبين وهذا يدل على مدى هشاشة الفعل الحزبي وميوعته في مدينة الكارة. ومما لا شك فيه أن حياد المسئولين وتقاعس دور الأحزاب في اختيار الشخص المناسب كفاءة وثقافة ومصداقية يؤكد عدم استيعاب مضمون الخطاب الملكي السامي بشكل جيد و في هذا عصيان لعاهل البلاد. إن هذه التجاوزات ستساعد بدون شك على إشعال فتيل الاحتجاجات من جديد في مدينة الكارة وعلى تأزم الوضع الاجتماعي أكثر فأكثر مما قد يؤدي لا قدر الله إلى احتقان شعبي يصعب التنبئ بنتائجه.