العام زين و غادي يزيد يزيان

صار معروفا في الكارة بل مألوفا أن ينتشر الفساد و وتنشط الرشوة في جميع المجالات الحياتية : في المستشفيين أو على الأصح المستوصفين و في الإدارات العمومية من باشوية و بلدية و قباضة و ما عداها و نفس الشيئ عند الدرك و القوات المساعدة بل حتى عند بعض رجال التعليم إلى غير ما ذكرنا من المرافق الأخرى..وأكثر من ذلك فلقد أصبح المواطن الكاروي العادي بدوره مرتشيا لأن الحابل اختلط بالنابل وأصبح من المستحيل أن تجد شخصا حتى و إن لم يكن مسؤولا يقوم بقضاء حاجة لك دون أن تدفع له رشوة سميها أنت هدية أو قهوة أو أجرا أو غيرها من المسميات الفنطاستيكية.
معادلة الرشوة عندنا في الكارة و أكثر من غيرها من مدن المملكة أصبحت جد جد عادية و تفك ألغازها أمام الجميع و في واضحة النهار بل صار يدخل فيها و بأريحية كبيرة طرفان أساسيان : الطرف الأول هو الإدارات و المؤسسات السالفة الذكر والعاملين فيها و الطرف الثاني هو المواطن الذي أصبح بدوره يستسهل عملية الرشوة و لا يقضي حاجاته إلا بها، مما شجع الجميع على الدخول في هذه الدوامة التي أفسدت كل مظاهر الحياة الإدارية و الاجتماعية في مدينة الكارة بل و في منطقة المذاكرة عموما.
أحزابنا بدورها استغلت تفشي الرشوة في الأذهان قبل المكان و الزمان مما أصبح يسهل عليها مأمورياتها و عملياتها الحسابية و توقعاتها الانتخابية بحيث صار مألوفا أن يحسب أي من المرشحين عدد الأصوات التي ستصوت لصالحه بحسب المبلغ الذي يضعه جانبا لحملته.. هذا مما مكن بعض الأسماء من أعيان الكارة من ان تبسط نفوذها على أحياء أو تجمعات سكنية بأكملها كما لو كانوا قد ورثوها فيما ورثوا و بنفس الطريقة التي كان يستعملها الاستعمار أي سياسة العصى و الجزرة ، مستغلين بذلك فقر السكان و حاجاتهم إلى المال و الخدمات التي غالبا ما يتم تعقيد إجراءاتها عمدا كي يتدخل العضو أو السياسي أو المرشح لفك وحلتها..
أما في المناسبات كالأعياد الدينية ، و نحن على أبواب ليس فقط البرلمان بل عيد الأضحى المبارك ، و مثل رمضان و الدخول المدرسي و غيرها فإن الجسد السياسي الخامل و الذي يكون مصابا بالشلل و ألزايمر معا طوال السنة ينشط و تعود إليه الروح و الحيوية التي لا تضاهيها إلا حيوية الحملات الانتخابية .كما أن هذه الديناصورات و لا فرق بين جميع أحزابنا و إن كانت جاهلة و أمية في أغلبها فإنها تحسن استغلال الجهل الذي تعاني منه المدينة خصوصا في الدواوير البعيدة التي تنتمي إلى عصور ما قبل التاريخ مثل دوار بلال و دوار الشيخ ودوار شويرفة و البلوك و غيرها.
وهكذا فلقد بدأت بعض الوجوه الحزبية البارزة في كارة الهم و الغم و الذم ، و نحن على مقربة من الانتخابات البرلمانية و الجماعية المبكرة ، تتربص بالسكان و خصوصا الفقراء منهم و هم الأغلبية الساحقة و ذلك لاستغلال ضعفهم و عجزهم كي يحصلوا على أصواتهم كالمعتاد..
فلم يعد غريبا هذه الأيام ان تسمع بأن فلان قد رفع السومة هذا العام و أنه ناو إعطاء 500 درهم للصوت أو أن فرتلان سيعطي مبلغ 200 درهم المعتادة و لكن مع أضحية العيد لكل منزل مقابل شراء الذمة و التصويت لفائدته في الانتخابات التشريعية القادمة، أو أن الآخر قدم وعودا من قبيل التشغيل في الإنعاش زيادة على تموين ليالي حمراء وعلى 200 درهم و التي صارت طريفة الفاهمين .. غالبا ما يتعلق الأمر كما قلنا بأحياء هامشية و مهمشة عنوة و لكن حتى الأحياء الأخرى لا تسلم من هذه الصفقات .
بالإضافة لما ذكرنا، فسيعتمد كثير من مرشحينا الأثرياء كالعادة على جيوش من العمال و الخماسة و الشماكرية و ليس فقط من الذين يشتغلون عندهم بل منهم الموسميين الذين لا يتحركون معهم إلا في الحملات الانتخابية و بأجر يومي وأكل و شرب و تقصار.كما سيعتمدون على سماسرة معروفين من الجميع بحيث لا يسلم أي حي من أحياء الكارة من ترامي هؤلاء على الضمائر و الخيارات.
أما عن بعض الوجوه دائمة الحضور في قبة البرلمان أو المجالس كما لو كانت بيدها مفاتيح حميع القباب فهي اليوم على كل شيء قديرة لأنها آلهة الانتخابات السرمدية التي لا تفنى و لا تبلى ولا تتعب ولا تمل و هي بحكم خبرتها الطويلة صارت تجيد التحكم في خيوط لعبة الانتخابات و اللعب على أوتار الفقراء و الضعفاء و البؤساء..
كل هذه المعطيات الواقعية تدل على أن لا في البرلمان ولا في البلدية فهنالك أسماء رغم الدستور و رغم السخط الشعبي و رغم التبكير بالانتخابات فإنها ستحجز مرة أخرى مقاعد مريحة و لسنوات أخرى طويلة ..
في ظل هذا الكلاخ لا يسعنا إلا أن نقول هنيئا مريئا لسادتنا الدائمين بالصعود ثانيا و ثالثا و عاشرا على أكتاف الفقراء و المحرومين و البائسين و هنيئا أيضا لمن سيتكرم عليهم مرشحونا بأضحية العيد..وبالصحة و الراحة و عيدهم مبارك سعيييييد.
وشأننا نحن في كل هذا شأن بوجعران الذي يجر معه بعرته حياته كلها و كل عام و الكارة بألف خير و العام زين و غادي يزيد يزيان.

أحزاب شعارها و نشيدها الموحد هو أغنية : قولو العام زين.

الله يلطف بهذيك لبلاد و خلاص هذا جهدنا عليها.