العمل السياسي في ظل غياب الأخلاق

عرفت الكارة في السنة الأخيرة صراعات مريرة بين المجلس البلدي للمدينة والمعارضة المتمثلة في نخبة من شباب الانترنت الذي أخذ على عاتقه تغيير الامر الواقع و في حفنة صغيرة من النشطاء السياسيين بالكارة بالاضافة الى نقابة الموظفين التي عانى أعضاؤها الأمرّين منذ تولي مكتب الحمامة تدبير الشأن المحلي . هذه الصراعات شكلت عبر عدة محطات ساخنة مادة دسمة على صفحات الأنترنت و بعض منابر الصحافة الوطنية ورغم ذلك فلا زالت ثمار تحركات هؤلاء المناضلين عسيرة الجني بسبب ترسب الخوف من جهة و اللاأخلاق من جهة أخرى في العقلية المذكورية ، هذا الخوف وهذه الميوعة في ممارسة الشأن السياسي في مختلف أشكاله والذين زرعهما ممثلو سلطة الوصاية (القياد و خلف نعالهم المنتخبون)منذ عقود و بمنهجية مدروسة بحيث صار من الصعب التخلص منهما بجرّة قلم أو تحرك على الويب.
فلولا هذا الخوف الدفين ولولا تجذر الفحش لما تجرأ مثلا باشا المدينة الحالي و رئيس مجلسها البلدي رجل القانون على التعامل الفظ مع سكان المدينة و استعمال الكلام السوقي دون مراعاة للأخلاق و للحرمات وللأمانة التي وضعها الناخبون في عنق الأخير.الشكايات المتكررة من نساء ورجال المدينة من الكلام النابي والجارح في حقهم تبقى حبيسة السرية ولا تتجاوزها الى الجهات العليا لغياب أي احتواء و تأطير لهذا الغضب الشعبي المتنامي من طرف الاحزاب أو الجمعيات المحلية على حد سواء.
إن تخريب مصالح العباد، وجلب المفاسد على الناس وذرء المصالح العامة أصبحت جزءا لا يتجزأ من أخلاقيات السياسة الحالية وليس فقط للأغلبية الحالية للمجلس البلدي للكارة بل لأغلب المجالس البلدية التي عرفناها حتى صار الجميع يسلّم بالأمر الواقع مؤمنا بأن الرئيس الحالي كمثال ليس إلا نمودجا حيّا وواقعيا للأغلبية و للحزب الدي ينتمي اليه بل و لكافة السياسيين و ان آختلفت أحزابهم و مرجعياتهم..فلا يمكن لانسان متسخ وعفن كما يقول الشارع اليوم اعطاء درس في النظافة أو اعتبار الأوساخ المتراكمة على جنبات طرقنا مشكلة.
المسلّم به اليوم في مدينتنا أن ساكنتها قد ضاقت درعا بتصرفات هذا الطاغية الجديد اللذي يختار قاموسه اللغوي من قنوات الصرف الصحي،إضافة إلى الإختلاسات والطغيان الممارس على الموظفين أولا وثانيا على ساكنة المدينة المغلوبين على أمرهم لكن رغم السخط فالأمر أصبح في عداد المسلمات و الأمور العادية وهذا هو أصل الداء .. كيف صار الفساد قاعدة في كارتنا ؟؟؟؟.
الذي يحدث بالكارة اليوم قد يجعل من العزوف قاعدة عامة ، فمن يستطيع إنكار كون هذا الرئيس مجرد نمودج للمهازل التي تفرزها الانتخابات في منطقتنا؟
ومن يستطيع أن ينكر بان الرؤساء الذين تعاقبوا على حكمنا في أغلبهم أشخاص باخلاق دميمة لايعرفون الا لغة المال والفوضى بدون اي مستوى تقافي حقيقي (خلّيونا من الشهادات) او اخلاقي.. أناس لايؤمنون الا بلغة "كول او وكل"هدفهم الوحيد هو جمع المال ، بناء فيلات ، شراء سيارات فخمة وتحسين الوضعية الاجتماعية والاقتصادية لذويهم وللمقربين منهم.
نعم فالانتخابات في شكلها الحالي وفي غياب رقابة الضمير و الخلق ليست الا مسرحية تتكرر كل مرة والكارة لا تعدو كونها وكرا للرشوة والمحسوبية والزبونية والفساد.. لكن هل نستطيع إن نحن اتحدنا إخراج مدينتنا و اهلنا و أنفسنا من هذه المتاهة-الورطة؟؟؟؟
نعم بالتأكيد .. والحل أن نتشبت بالأخلاق التي ينكرها مسؤولونا ، الأخلاق في الترشح و الأخلاق في التصويت و الأخلاق في النضال ....إلخ
ختاما الذي يحز في القلب هو كون هذه المدينة كانت معروفة حتى زمن قريب باخلاق أهلها و كرمهم و شجاعتهم ولذلك فهي اليوم على الأقل تستحق مسؤولا في مستوى تاريخها و اخلاق قدمائها خصوصا وأنها تتوفر على كثير من الطاقات البشرية في شخص شبابها وهي كفيلة وحدها بالنهوض بها لو أعطيت لها الفرصة مستقبلا ، فرصة يكون الحكم فيها هو الخلق في ممارسة السياسة.

مع تحيات حيّ بن يقظان

هذا سببه ابتعاد سياسيينا و مسؤولينا و منتخبينا عن أخلاقيات ديننا الحنيف فاللهم رد بنا الى الإسلام ردا جميلا.

أي عمل وليس فقط السياسة إذا خلا من الأخلاق يصبح ناقصا فالأخلاق هي ما يحكم العلاقات العامة حتى عند العجم فما بالك نحن العرب المعروفون تاريخيا بحسن الخلق؟؟؟؟
إذا الأمم الأخلاق ما بقيت .... فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا (أو كما قال الشاعر)

الفساد طغى على كل شيئ و بدأ بالسياسة فماذا ننتظر من مسؤولين لا أخلاق لهم غير مزيد من الإفساد بل نسبة كبيرة من الناخبين أخلاقهم مشكوك فيها ولذلك تفرز أصواتهم منتخبين على شاكلتهم.