شباب الكارة و الإحباط السياسي

لا يختلف إثنان حول ظاهرة العزوف الكبير والملفت والمقلق عن السياسة في أوساط الشرائح الشبابية في مدينتنا. وليست هناك حاجة للاعتماد على إحصاءات رسمية للخلوص إلى نتيجة مفادها انتشار الإعراض عن التسيس بشكل عام، وفي أوساط الشباب بشكل خاص.. وهذا غريب لأنه يحدث في مدينة تعج بالمعضلات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية والرياضية التي تستلزم انخراطاً مضاعفاً في السياسة وتوسيعاً لنطاق الاهتمام بالشأن... العام لمواجهة تلك المعضلات. وهو مقلق لأنه من دون وجود فاعلية شبابية في الحياة السياسية ، فإن مستقبل الـڭـــارة لن يكون مشرقا.
ومن بين أسباب هذا العزوف عن السياسة عموماً عند شبابنا ، كما لاحظت ، نجد فقدان "المعنى" بعد تمييع العمل السياسي من طرف الأحزاب الموجودة عندنا بحيث أن الشباب توصل الى قناعة مفادها أن العمل السياسي ليس سوى جسر لتحقيق الطموح الشخصي، وليس تحركا حافزه الرغبة في التغيير...كما نلاحظ أن هنالك نوع من الإحباط واليأس بخصوص تغيير ما هو قائم في أحزابنا والذي لا يبدو مُمكنا في الأفق القريب لعدم رغبة قيادييها في التنحي وترك الفرصة أمام الشباب ، إن انسداد آفاق واحتمالات التغيير إذن ينفر الشرائح التي قد تكون لديها الرغبة في العمل السياسي ولوبالتصويت مما يجعل المقاطعة هي الحل بالنسبة للشباب تعبيرا منهم عن استيائهم و سخطهم.
إذن فعدم وجود مناخ ديمقراطي ووضوح و نزاهة و تحفيز وكذا قوانين داعمة لانخراط الشباب في مجال السياسة يبقى هو السبب الرئيسي في هذه المعضلة.
أضف إلى ذلك أن انتشار وسائل الاتصال وخصوصا الأنترنت ساهم من جهة في زيادة وتعميق المعرفة المتبادلة بين الشباب ، لكنه أيضاً ساهم في إحباط العمل الجماعي الفاعل من جهة أخرى بحيث أصبح الاطلاع والمتابعة (الإنترنتية) من بعيد بديلين عن الفعل الحقيقي والعملي على الأرض.
من بين الأسباب أيضا أن الظروف المحيطة بالشاب لاتشجعه على الأنخراط في العمل السياسي وكذلك كون أحزابنا تحاول تهميش الشباب بحيث انه لم نلاحظ اي محاولة في إشراك الشباب في اي مجال سياسي ما عدا استغلاله في الحملات الانتخابية أو سد الثغرات به في بعض الدوائر مثلما فعل الاتحاد الاشتراكي مؤخرا أو تلمييع صورة بعض الأحزاب المشبوهة مثل الذي يحدث عند التراكتورفي الآونة الأخيرة...أما عندما يتعلق الأمر بإشراك هؤلاء الشباب في اتخاذ القرارات و تبني الاستراتيجيات أو المخططات وما إلى ذلك ، فإن كل الأبواب تظل موصدة و دون وجود أي أمل في انفتاح أو انفراج قريبين.
هناك أسباب أخرى عديدة بالطبع مثل انعدام الثقة و الفساد السياسي الملحوظ و تضعضع الروح الوطنية و الأنانية الفردية و عدم النضج والوعي السياسيين عند البعض ، لكنني أكتفي بما سلف تاركا مناقشتها والتعمق فيها لردود المعلقين..هذا هو الواقع وهذه هي القناعة التي يكاد يجمع عليها شبابنا .. لكن إذا أرادنا المقاطعون أن نسلم بهاذا فليقولوا لنا العمل و ما هو البديل ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

المتضرر من هذا كله المواطن البسيط

ما لم يعي الشباب قوته الكامنة ويعلن أفكاره الخاصة والبدائل التي يناضل من أجلها ويستوعب اللحظة التاريخية التي انفتحت أمامه والقائمة أساسا على مطالب ومبادئ هي من صميم اهتمامات الشعب وانشغالاته، فإنه ماض نحو تضييع الفرصة وبالتالي دخول مأزق يجعل الرهانات أكبر وأصعب مما هي عليه الآن.

لا ننتظر شيئا من هذه الإنتخابات فلا داعي للملصقات و الكلمة للشعب للتعبير سلميا عن رفضه لهذه الاكاديب التي مللناها و التي تفرز نفس الوجوه التي ألفت السلطة والمال على حساب الشعب المقهور التواق للكرامة والحرية والعدالة الإجتماعية