هل الكارة ضحية سخط ملكي حقا ؟

يحكى في مدينة الكارة منذ زمن بعيد يعود إلى سبعينيات القرن الماضي عندما دعي المغاربة إلى التصويت على التعديل الدستوري الخاص بولاية العهد ، أن سكان الكارة لما دعوا إلى ذلك الاستفتاء قيل لهم بأن الأمر يتعلق بالتصويت على البرلماني آنذاك الحاج العربي ولد فرجية فصوت الجميع و هم يصوتون في أذهانهم ضد هذا الأخير ب "لا" على التعديل المقترح .. كان تصويت سكان المنطقة إذن ، و دون إدراكهم لذلك ، ضد ولاية الملك محمد السادس لعهد أبيه كما رآها الحسن الثاني و ليس ضد عودة الحاج العربي لتمثيلهم كما اعتقدوا.
و منذ ذلك العهد ، يروج البعض بأن الملك غضب على الكارة و نواحيها غضبة لا تزال المدينة تؤدي ثمنها ، حسب زعمهم ، إلى اليوم. يعتقد هؤلاء و جعلوا كثيرين يعتقدون إذن بأن الكارة إنما تعاني الانتقام الممنهج و من التهميش التنموي والاقتصادي والبشري بأمر من الملك ، و هم يدعون أن مدينتناأدمجت عمدا في خانة الوفيات إلى إشعار آخر وأدرجت المنطقة ككل في جغرافية المغضوب عليهم إلى يوم الدين بسبب تلك ال"لا" اللعينة.
اليوم و بعد مرور عقود طويلة ووفاة الحسن الثاني لا يزال البعض من الجهال وكلما أرادت الأصوات الأبية أن تعلن غضبها تجاه ما تعيشه الكارة دون سواها من المناطق المجاورة المحظوظة، يرفعون ذكرى ذلك التصويت كفزاعة يخوفون بها الخلق من مغبة إعادة نفس السيناريو مرة أخرى ...
و من غريب الصدف ، التي يقول هؤلاء أنها تؤكد كلامهم ، أن الزيارات الملكية في عهد الحسن الثاني رحمه الله و اليوم في عهد خلفه محمد السادس تشمل دائما المناطق القريبة من الكارة دون أن تصل إلى مدينتنا ... هذه الزيارات التي كانت آخرها سنة 1957 للملك محمد الخامس لا تزال تؤجل إلى أجل غير معلوم و ذلك لأمور لا يعلمها إلا الراسخون في المكائد التي تتخبط فيها المنطقة .
وكان الكارويون يتمنون ، كلما سمعوا بزيارة قريبة من مدينتهم ، لو يعلم ملكهم مدى ارتباطهم به وبالعرش الملكي، وكرههم لمن يزعم أنه خادم الأعتاب الشريفة من مسؤولين جهويين أو محليين ، لقام بزيارتهم و عفى عن زلة أجدادهم في حقه ...
و لأننا ننزه شخص الملكين الراحل و الحالي عن السقوط إلى هذا المستوى الدنيئ من التصرف ، و لأننا نرفض أن نصدق بأن ملكا مسؤولا عن شعب بأكمله يمكن أن يترك نفسه تنساق وراء الغضب و الانتقام و الشر كأيها الناس لما في ذلك من انتقاص لقدره ومكانته ، فإننا سنحاول تحطيم هذه الأسطورة التي يختفي ورائها كل من يريد أن يتمسك بوهمها لتفسير وضع مدينتنا دونا عن المدن.
أولا : يفهم من وراء ما يقوله هؤلاء أن الملك الراحل بجلالة قدره نزل إلى مستوى الجهال و انتقم من سكان الكارة على تصويتهم بلا و ذلك بتهميش مدينتهم و أن الملك الحالي لم ينس ذلك و ترك دار لقمان على حالها عمدا و هذا اتهام خطير لا يلام عليه من قد يقوله عفويا بل يعاتب و يجب أن يحاسب من يروج له بقوة..
ثانيا : لقد عودنا متفيقهو الكارة على الخرافة تلو الخرافة و منذ زمن ، فكيف نثق بما يقوله جهالنا من السياسويين أو المتسيسين بل و من الجهال بصفة عامة و لا يختلف إثنان في كون من يدافع عن هذه الأطروحة هم جهلة بالسياسة و بطبيعة النظام و بواقع الكارة ..
ثالثا : ما الذي يربط بين الاستفتاء القديم و مصائب الكارة ؟ أليست مشكلة الكارة هي مسؤولوها الذين عاتوا فيها نهبا و فسادا و تضليلا ؟ و هل هنالك دليل واحد على تورط الملك أو الدولة فيما يقع في مدينتنا من تجاوزات و خروقات ؟ أم هنالك تعليمات عليا تملي على مسؤولينا القيام بما يقومون به ؟ ..
رابعا : هل الديموقراطية هي أن يصوت الجميع بنعم ؟ و هل لكي لا نقع في الغضب الملكي المزعوم عن الكارة كان يجب أن تصوت كارتنا كلها ب "نعم"؟ ..إذا كان الملك سيغضب من "لا" فلماذا عرض التعديل أصلا و في زمن كان يستطيع فيه أن يمرر ما يشاء دون أن يجرؤ أحد على التفوه بكلمة ؟ أليس من المنطق السياسي أن ما يعرض لاستفتاء الآراء يكون معه الموافق و المعارض ؟
خامسا : إذا كانت هنالك منطقة تستحق فعلا السخط الملكي فهي تاريخيا منطقة الريف فليسأل المخرفون عن ريف اليوم و ليزوروا الحسيمة ليروا العناية التي يوليها ملك البلاد لتلك الجهة و كيف أنه يقضي العديد من عطله هناك .. أهكذا يكون الانتقام ؟
سادسا : و هي النقطة التي يجب أن يضعها الكل نصب أعينهم قبل إخراج التخاريف من دراقيشهم هي أن الملك لا يزور منطقة إلا إذا كان هنالك ما يدشنه أي لكي يزور الملك مدينتنا فعلى مسؤولينا المنتخبين أن يبرمجوا لمشاريع حقيقية يعطي عاهل البلاد انطلاقتها .. إلا إذا كنا نريد أن يزورنا الملك لشرب كأس شاي و لتقرقيب الناب معه حول غضب والده من عدمه.
ماذا هيئنا لزيارة ملكية ؟؟؟ هذا هو السؤال

مسؤولونا لا يفلحون إلا في إنجاز مشاريع الفساد من القصاير إلى دور الدعارة , و لا علاقة لهم بالمشاريع التنموية الكبرى التي من شئنها تحقيق حلم الزيارة الملكية ,
مسؤولونا تفكيرهم محدود فنظرتهم لا تتعدى تنظيم مهرجانات أو إقامة سهرات , مسؤولونا هم من رسموا في مخيلاتنا فكرة أن الملك غاضب على كارتنا , مسؤولونا لا سامحهم الله هم سبب ما نحن فيه اليوم ,

ما هو وزن الكارة حتى و إن صوتت عشر مرات بلا ؟ ولا شيئ
و هل غير تصويتها ذاك شيئا ؟ لا
و هل نعلم نحن السبب الحقيقي لذلك التصويت و لا تعلمه الدولة ؟ قطعا لا
فلماذا نختبئ خلف مثل هكذا أعذار و ندفن رؤوسنا في الرمال كي لا نرى الحقيقة ؟
أليس منتخبونا هم من خرب الكارة ؟
الجواب على هذا السؤال هو الحقيقة و لا شيئ غيرها

القط ملي مكيوصلش للحم كيقول خانز
لا يجب ان نعلق فشل مسؤولينا و فشلنا على شماعة وهم سخط ملكي