بوعو في الشخصية الڭـاروية

يقسم علماء النفس "الخوف" إلى صحي و مرضي؛فالصحي هو تلك الهبة التي ربطها الله سبحانه و تعالى بالطبيعة النفسية و الفيزيولوجية للإنسان، ; و التي تساعده على البقاء و اتقاء المخاطر.
و أما المرضي فهو خوف غير منطقي يصيب النفس الضعيفة لأبسط الأشياء.و يدعى في لغة الطب بالفوبيا و هو الخوف الغير مبرر منطقيا إن صح شرحي للكلمة.
في الكارة عندنا اتخذ الخوف أشكالا أخرى مختلفة جدا عن تلك التي أحاط بها العلم بحيث إننا في هذه البلدة السعيدة اكتشفنا فوبيات من نوع آخر، من قبيل المقدمو فوبيا، الباشا فوبيا ، الجدارمي فوبيا ، المخزنيفوبيا ،الرئيسوفوبيا أو حتى السياسة فوبيا و أخيرا النضالوفوبيا.
بل و أضيف سير كون تحشموفوبيا ، أصاحبي راعي فوبيا ، سير أصكع وفيوبيا ، ناري فوبيا، عنداكو فوبيا ، مالك على هاذ الشي فوبيا ، سير فحالكوفوبيا ، دخل سوق راسكوفوبيا ، سير تكمشوفوبيا، كتقلب عليهافوبيا أش بغيتي بالصداعوفوبيا.
وهذه ظاهرة اجتماعية شاذة خصوصا في عهد الانفتاح و حرية الرأي و التعبير الحالية في المغرب و لذا وجب أن نقف عندها و ندرس أسبابها و تفاصيلها و تجلياتها.و هذا عمل سأعطي فيه حماري و ما يحمل حماري ... واراني مافهمت والو في الناس ديال الكارة و لي فهم شي حاجة يجي يفيدني بيها الله يرحم الوالدين باش نكمل التحليل ديالي.
الحاصول و ما فيه الخوف صعيب و الكارة زغبية ..
و سأقتصر على قصة قد تكون أهم أسباب هذا الخوف الذي يتربى فينا منذ نعومة أظفارنا :
عندما كنت صغيرا، كان والدي أطال الله في عمره ينهاني دائما عن الحديث في السياسة و السلطة و كل ما يرتبط بهما .. والدي شخص بسيط جدا، لم يلج المدرسة يوما، فلاح ابن فلاح، لذلك تفهمت مع مرور الوقت سبب نهيه المتواصل عن الخوض في تلك المواضيع التي لطالما اعتبرها حكرا على أشخاص معينين دون غيرهم، فكان من الطبيعي أن أسمع - و إخوتي - تلك العبارة الشهيرة التي يرددها معظم الآباء التقليديين المغاربة : سكت أنت صغير و ما تفهمش فهاد شي .
حديثي عن حالة والدي ليست سوى محاولة لإعطاء نموذج للطريقة التي تفكر بها نسبة كبيرة من أولياء الأمور في مدينتنا بل في وطننا ككل، و التي تصور كل ما يرتبط بالسلطة على أنه منطقة محرمة يمنع الاقتراب منها بأي حال من الأحوال؛ و لعل طريقة التفكير هاته هي السبب الرئيسي وراء تشويه شخصية جيل بأكمله أصبح اليوم جاهلا بالطبيعة الحقيقية التي تربط المواطن بالسلطة، و المواطن بقيادته السياسية، و المواطن بالفعل السياسي بشكل عام.
و المصيبة العظمى أنه لما حبانا الله بمجموعة من المناضلين الشباب كسرت حاجز الخوف و دخلت صرح النضال من أوسع أبوابه و أصبحت تسمع صوت الكارة عاليا صرنا نسمع : و نتا هذوك غير البراهش أو معامن غادي نوقف مع الدراري ؟ و من من ؟ من المقهورين الذين يحاول هؤلاء الشباب الدفاع عن مصالحهم .. و سير فهم شي حاجة.
الخوف المرضي الذي يطبع الشخصية الكاروية ليس مقتصرا على ما تم ذكره أعلاه، و لكنه للأسف تجاوز ذلك لكي يشمل مظاهر أخرى من قبيل الخوف من المواجهة، من النقاش و من التحاور مع الآخر و حتى الخوف من التعبير عن الذات و عن الرأي والنقص الذي عرفته الوقفات الاحتجاجية التي عرفتها مدينتنا مؤخرا لخير دليل على ذلك .
في الكارة ديالنا للأسف صرنا نخاف من كل شيء حتى اختلط حابل الواجب بنابل الحق، فكانت النتيجة أننا أضعنا فرصة حقيقية مع هذه الاحتجاجات التاريخية لتغيير وضع أصبح شاذا أكثر من اللازم ..
لأول مرة في مقالاتي أقول عكس مل تقوله الامثال الشعبية فأصرخ هذه المرة :
لا صدق من قال : لي خاف نجا

أيها الصامتون
أيها المعترضون على الكلام
يا من تطالبون بتكسير الأقلام
وتنكيس الرايات والأعلام
يا من تنتقدون وتسخرون على الدوام
يا من تعتبرون النضال مسخرة
والصوت لغوا والشعارات كذبا وأوهام
تطالبون بشيء عملي
وأنتم جامدون كالأصنام
يا من يطفئون الشموع ويلعنون الظلام
يا من تدفنون رؤوسكم في الرمل كالنعام
إلى متى ستبقون هكذا دائما" نيام

قصيدة استلفتها من أحدهم على النت